إعداد سارة الشلالدة
منذ النكبة الفلسطينية في عام 1948 وحتى يومنا هذا يعتبر الفن الفلسطيني عاملاً أساسياً في النضال السلمي ونشر الرسالة الفلسطينية في الوطن العربي والعالم أجمع، فقد نجحت الأغاني الوطنية والافلام الفلسطينية في نقل صورة حقيقية عن الشعب الفلسطيني أكثر من أي خطاب لمسؤول سياسي. بالرغم من الفجوة التي يحاول الاحتلال الاسرائيلي خلقها بين السكان الفلسطينيون أنفسهم بين من يعيش في الضفة الغربية، وغزة والقدس والداخل، إلا أن الشعب واحد والفكر واحد، وهذا ما يؤكد عليه مهرجان حيفا المستقل للأفلام وهو مهرجان سينمائي فلسطيني يهدف إلى إنشاء عاصمة ثقافية فلسطينية في الداخل المحتل وتحديداً في مدينة حيفا، يشمل المهرجان عروض إطلاق لأفلام جديدة من فلسطين والعالم العربي، ونخبة من المخرجين العالميّين المعروفين وكذلك الصاعدين. بالإضافة إلى ورشات تعليميّة، محاضرات، وورشات احترافيّة مع الخبراء
وقد نجح المهرجان، الذي انطلق في 20 مارس ويستمر حتى 26 من الشهر الجاري، في جذب مئات المشاركين من هواة الأفلام، وصنّاع الأفلام وجمهور من مختلف الأجيال والشرائح منذ انطلاقه في أول دورة له عام 2016 الى يومنا هذا. تحدثت مع لينا منصور، منسقة المهرجان وسألتها عن خطط المهرجان في دورته الرابعة
فايس: أهلا لينا، كيف جاءت فكرة تنظيم هذا المهرجان؟ ولماذا حيفا؟
لينا منصور: تم تأسيس مهرجان حيفا السينمائي المستقل قبل أربع سنوات مع حلم إعادة إحياء مدينة حيفا قبل النكبة كعاصمة فلسطينية ثقافية، حيفا تضم عدداً كبيراً من السكان الفلسطينين وقد كانت دائماً واحدة من أكثر المدن العربية سحراً. من هنا بدأت الفكرة، أردنا أن نأتي بالسينما إلى حيفا بعد أن لاحظنا أن معظم الأفلام الفلسطينية والإنتاجات المحلية التي حصلت على اعتراف في جميع أنحاء العالم، لديها جمهور فلسطيني ضئيل أو معدوم نوعا ما، لعدة أسباب منها عدم وجود دور سينما مستقلة ومهرجانات مستقلة. هذا المهرجان هو جهد مجتمعي حيث يشارك المجتمع بأكمله في المهرجان، بما في ذلك الشركات الفلسطينية الصغيرة التي تدعمنا، كما تم استضافة عروض الأفلام والحوارات في مساحات ثقافيّة وفنيّة فلسطينيّة عديدة ومستقلّة في المدينة مثل مسرح خشبة، كباريت، فتّوش، العين ومسرح الميدان وجمعية الثقافة العربية وغيرهم -بسبب عدم تواجد دور سينما فلسطينية مستقلة لذلك اضطررنا الى استخدام هذه المساحات كسينما. من خلال هذا المهرجان نحن نسعى إلى كسر الحدود التي فُرضت على حيفا وأهلها وذلك بلا تمويل مؤسّساتيّ أو حكوميّ، وبلا رقابة من أي طرف
كيف تم اختيار الأفلام هذا العام؟هذا العام اخترنا الفيلم الفلسطينيّ "مفكّ" للمخرج بسّام جرباوي كفيلم الافتتاح. وسيتم عرض أفلام عن الثورة الفلسطينيّة والأرشيف الفلسطينيّ وأفلام فلسطينية مختلفة سواء من الداخل أو الضفّة الغربيّة أو غزّة أو الشتات وتسليط الضوء على السينما الفلسطينيّة اليوم. بشكل عام، لقد تم اختيار 59 فيلمًا من فلسطين والعالم تناقش قصصاً متنوعة سياسياً واجتماعياً. ومثل أي مهرجان سينمائي لدينا لجنة لاختيار، الأفلام التي يتم اختيارها نقوم بالحصول عليها من خلال التواصل المخرجين وشركات التوزيع التي تمثلهم. نظرًا لعدم وجود أماكن محلية متاحة لعرض أفلام فلسطينية في حيفا، جاء هذا المهرجان لسد هذه الفجوة. الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي تسبب بفصلنا عن بقية العالم العربي ومن الضروري أن نأتي بأفلام من أماكن مثل مصر ولبنان وسوريا والجزائر وتونس لإعادة بناء الجسر بين حيفا والعالم العربيّ من خلال السينما. وفي دورة هذا العام، سَلط المهرجان الضوء على سوريا والجزائر، من خلال عروض أفلام عديدة، روائيّة وتسجيليّة، منها فيلم "عن الآباء والأبناء" للمخرج طلال دركي، الّذي كان من الأفلام الاجنبية المرشحة لـ "جائزة أوسكار" 2019. هذا العام، ولأول مرة وافق الموزعون العرب على عرض أفلامهم في حيفا، بسبب رفضنا لأي رعاية حكومية أو مشاركة من مؤسسات اسرائيلية. مهرجان حيفا السينمائي كل شيء فيه فلسطيني
هل يأتي اسرائيليون لحضور المهرجان؟يحضر المهرجان جمهور متنوع من جميع الفئات العمرية من بينهم نشطاء وممثلون ثقافيون وشخصيات سينمائية وطلاب من مختلف مجالات الحياة. المهرجان مفتوح للجميع، ومن يحضر يجب أن يحترم برنامجنا ورسالتنا. نحن لا ننظر إلى خلفيات الحضور، الجميع مرحب بهم في هذا الحدث الفلسطيني الكبير في مدينة حيفا.
ما هي صعوبات تنظيم مهرجان فلسطيني في إسرائيل؟
نحن نعتمد على مساعدة المجتمع المحلي، فلا يوجد لدينا ميزانية خاصة وليس لدينا صالات سينما مستقلة، ولكن حتى الآن، الأمور تسير بشكل جيد. حصلنا على تمويل من لبنان والمؤسسات الفلسطينية، مثل مؤسسة آفاق ومؤسسة عبد المحسن القطان التي نقدر جهودهم بالطبع. في البداية، كان المخرجين والموزعين العرب مترددين في إرسال أفلامهم للمشاركة في المهرجان في حيفا. ولكن الآن، كبر المهرجان وأصبح معروفاً في كل المدن العربية. نحن نبذل قصارى جهدنا لنستمر في انجاح هذا المهرجان وتوصيل رسالتنا للعالم ككل.